بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلَّى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل صدق الله العلي العظيم الإخوة والأخوات الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولاً أهنئكم وأبارك لكم المولد النبوي الشريف لرسول الإنسانية ومنقذ البشرية نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو الصادق الأمين الذي بعثه الله رحمةً للعالمين فحمل الرسالة وأدى الأمان خير أداء أما أن الحديث إلى شريحة الموظفين الذي ينعقد هذا الجمع الكريم للحديث عن أبنائنا وإخواننا الذين يديرون دفة الدولة في مختلف مجالاتها يعني الحديث مع عموم المواطنين حيث أنكم تمثلون نسبةً كبيرة وقادر على التغيير والبناء والعمار وباعتباركم الشريحة المتعلمة والواعية في المجتمع.
فإننا نعوّل عليكم بعملية البناء والإصلاح وفي مقدمة ذلك بناء الإنسان فهو مقدمٌ على الإصلاح المادي أنا على يقين أن ملايين الموظفين الكرام والموظفات الكريمات في دوائر الدولة والمعلمين والمدرسين في القطاع التربوي والتعليمي يتحلّون بالأمانة والنزاهة والإخلاص وأن من يعمل على تعميم تهمة الفساد على الموظفين فإنه يهدف بالدرجة الأولى إلى تشويه صورة الموظف والدولة بشكل عام والنظام الديموقراطي والعملية السياسية بشكل خاص, وإن عدم الاهتمام بالموظف النزيه سيزرع في نفسه الإحباط ولا بد من العمل بمبدأ المكافأة والشكر والتكريم إلى جانب المحاسبة.
وأود التأكيد هنا إلى أن حملة محاربة الفساد وتحقيق النزاهة يجب أن تبتعد جذرياً عن ظاهرة التعميم التي تعد إساءة بالغة للموظف العراقي الذي يقدم الخدمات اليومية للمواطنين بكل حرص وأمانة وإخلاص الوظيفة العامة أيها الإخوة والأخوات هي صورةٌ لعقدٍ اجتماعي بين المواطن والدولة قائمٍ على قاعدة الالتزام المتبادل فمن واجب الدولة تحقيق العدالة والعيش الكريم وحفظ كرامة وأمن الموظف الذي عليه أن يكون أيضاً ملتزماً بأمانة الخدمة وحماية المصلحة الوطنية العليا, وأن الوظيفة العامة أيها الإخوة والأخوات ليست مجرد عملٍ مقابل راتب والموظف ليس مأجوراً إنما هي رسالة ومسؤولية وطنية.
فالموظف هو العمود الفقري للمؤسسات وعماد الدولة وشريكٍ في التنمية الاقتصادية والسياسية والثقافية والأمنية أيضاً وإن فاعليته تؤشر إلى قدرةٍ وكفاءةٍ في مؤسسات الدولة في تقديم الخدمات للمواطنين إن طاقات الموظفين وتطوير كفاءاتهم وقدراتهم شرطٌ أساسيٌّ ليس فقط لبناء الدولة على أسسٍ سليمة إنما لبقائها أيضاً وإن نهضة الأمم لا تقوم إلا حينما تتحول الوظيفة إلى قيمةٍ وطنيةٍ ومحطةٍ للإبداع والإبتكار والتطوير.
ورغم الظروف الصعبة التي واجهت العراق في مرحلتها بعد سقوط النظام البعثي واندلاع الحرب الطائفية القذرة بسبب أزلام النظام والتنظيمات الإرهابية فقد تمكننا من افتتاح معاهد تخصصية لبناء وتأهيل الكوادر الإدارية والفنية في الدولة التي رفضت الوزارات المعنية بالاختصاصات النادرة وإفاد آلاف الطلاب والموظفين إلى الخارج لمواكبة التطور العالمي كما أسسنا العديد من الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة الحديثة التي تقع عليها مسؤولية حماية البلاد وحفظ حقوق المواطنين بكل ثقةٍ وأمانةٍ وجدارة لقد بذلنا جهوداً متواصلةً لخفض مستوى البطالة وتشغيل الأيد العاملة ورفع المعاش لعموم الإراقيين ولشريحة الموظفين بشكلٍ خاص لمعالجة آثار وتداعيات المعاناة الكبيرة التي تعرض لها الشعب في ظل النظام البعتي المقبور.
أخوتي وأخواتي الأعزاء في الدولة التي نعمل على إعادة بنائها على أسسٍ سليمة لا بد من إبعاد الموظف عن الضغوط السياسية التي لا شك أنها ستؤدي إلى إضعاف دوره المؤسسي وتحويل الجهاز الحكومي إلى عبءٍ بدلاً من قوةٍ إنتاجية تغيب فيها المعايير البابحة للتطور وبما ينعكس سلباً على ثقة المواطنين بالمؤسسات العامة إن حماية الموظف من أي ضغوطٍ سياسيةٍ أو حزبيةٍ أو تدخلات وتوفير بيئة عملٍ عادلة ومرتباتٍ لائقة ستصنع من الموظف أنصر بناء يضع مصلحة الوطن والمواطن فوق أي اعتباراتٍ شخصيةٍ أو حزبيةٍ أو مكونياتية فاستعادة الوظيفة العمومية لمكانتها الحقيقية تعني تحويل الدولة من جهازٍ مترهل إلى مؤسسةٍ قويةٍ متماسكة وفاعل قادر على قيادة التحول الديموقراطي الذي ننشده وتحقيق التنمية المستدامة لكل العراقيين.
كما إن اشراك الشباب في مؤسسات الدولة ليس مجرد توظيف بل هو واجبٌ وطنيٌ ومسؤوليةٌ تاريخية وإن مشاركة الشباب الفاعلة ستعزز من قوة مؤسسات الدولة وتعيد ثقة المواطن بها إن النظام الديموقراطي التعددي بحاجةٍ إلى المسؤول والموظف الأمين المحافظ على حقوق الناس والعمل على إشاعة السلوك الصحيح في التعامل وحفظ المال العام وتنفيذ القانون.
أيها الإخوة والأخوات مجتمعنا اليوم بحاجةٍ إلى جرأةٍ في نبذ المظاهر السيئة والهابطة وإظهار الوجه الحقيقي للرجل والمرأة بعيداً عن الابتذال الذي يراد منه الإساءة للعراقيين والعراقيات كل مسؤولٍ في الدولة هو موظف واجبه خدمة الشعب وليس التعالي والتكبر عليه ومثل ما يحاسب الموظف الصغير فلابد من محاسبة المسؤولين في المناصب العليا على استغلال المال العام وسوء استخدام السلطة وتسخيرها لمصالح شخصية ذاتيةٍ وحزبية أنتم مواطنون قبل أن تكونوا موظفين وأن المشاركة في الانتخابات هي فعلٌ مزدوج وممارسة تحقٍ ديمقراطيٍ من جهة وترسيخٍ لشرعية الدولة من جهةٍ أخرى إنها مسؤوليةٌ تاريخية أن تكون عاملًا مهمًا في عملية إعادة بناء الدولة والانتخابات ليس محطة لشل مؤسسات الدولة كما يصفها البعض أو أن تكون في خدمة هذا الشخص أو تلك الجهة أو الحزب مؤسسات الدولة يجب أن تكون فوق الصراعات السياسية والسباق الانتخابي دوركم سيكون حاسماً في الحفاظ على نزاهة الانتخابات.
أنتم أيها الموظفون سيكون دوركم حاسماً في الحفاظ على نزاهة الانتخابات ونجاحها من جانب الإشراف والمشاركة في إدارة هذه العملية الوطنية والاستحقاق الوطني من خلال المشاركة الواسعة والواعية وحمايتها من التدخلات والتزوير فأصوات الناس أمانة في أعناقكم وأعناقنا جميعاً يجب الحفاظ عليها من التلاعب أو من التأثير السلبي على الناقبين.
أيها الإخوة والأخوات لا شك أنكم جميعاً ونحن معكم جميعاً نفكر بعراق قوي مستقر مزدهر قادر على أن ينعشه ويزدهر فيه الإنسان العراقي في مختلف المجالات وإذا أردناه أن يكون هكذا لابد من وجود عناصر قوة وعناصر ضعف عناصر القوة يجب أن نتمسك بها وعناصر الضعف يجب أن نعالجها ومن أهم هذه العناصر هو الدستور والقانونية لأن البلد إن لم يخضع للقانون والدستور سيكون بلد فوضى لا يستطيع أن ينهض وينهض فيه العمل والتغيير والبناء احترام القوانين وعدم السكوت على مخالفتها.
ومع الأسف الشديد نسمع كثيراً ونرى مخالفات قانونية هنا وهناك في هذه الدائرة أو الوزارة أو المؤسسة سيادة الدولة وسيادة الشعب في هذه الدولة هذا خط أحمر غير مسموح لأن تمس سيادة الدولة وسيادة الشعب على موقعه وعلى دولته وأرضه وأيضاً من القوة التي يجب أن تكون هو الانفتاح على الدول الصديقة وعدم الدخول في محاور وعدم الدخول في مناكفات سياسية إنما مصلحتنا هي التي تؤسِّس لعلاقتنا مع دول العالم دول الجوار والدول العالم الأخرى، وعلينا حتى نكون أقوياء في بلدٍ عزيزٍ كريم أن نمنع التدخلات الخارجية في شأننا السياسي وعدم التدخل في شؤون الآخرين التي أصبحت مع الأسف ظاهرة ظاهرة التدخل والكل يتحدَّث عن العراق وعن تجربته وما ينبغي أن تكون عليه ومن الذي يصعد ومن الذي ينزل وهذه قمة الإهانة لشعبٍ عريقٍ شعب واد الرافدين لا يمكن أن يكون عُرضةً لتدخلاتٍ من أي جهةٍ كانت توظيف قدرات العراق في تحقيق التطور والاستقرار والخدمات إلى الآن لم نتمكن بشكلٍ كامل.
نعم قدمنا وحقَّقنا الكثير ولكن إلى الآن لم نتمكن من التوظيف الصحيح لقدرات العراق المالية المتعددة لكي تتحول إلى عنصر ازدهار وعيش كريم لعُموم الشعب العراقي ولا يبقى فيه فقير ولا يبقى فيه ما لا يملك من لا يملك وحدةً سكنية الإنسان العراقي كريمٌ في وطنه ويبقى كريماً ومحمياً إذا وفَّرنا له العيش الكريم ولا يمُد يدَ العوزي هنا وهناك الحُرص على الوفاق السياسي أيها الأخوة البعض يقول أن استثباب الأمن مُقدِّم لعملية الإعمار وهذا صحيح ولكني أقول أيضًا وأراه أهم هو أن يكون عندنا وفاقٌ سياسيٌ بين مكوِّنات الشعب العراقي ومكوِّنات العملية السياسية وفي ظل الدستور وإذا عدم الوفاق السياسي لا ينفع معه حتى الأمن المُستَتِب
نحتاج إلى حماية الوحدة الوطنية ووحدة الشعب مع حفظ الهويات التي يتشكل منها المجتمع البعض يقول نحن شعبٌ يتشكل من مكوِّناتٍ قوميةٍ وإثنية نقول نعم وهذا هو لونٌ أو نوعٌ من أنواع الخصوبة في المجتمع أن يتشكل من عدة قوميات ومكوِّنات ولكنها منسجمةٌ وملتزمةٌ بهوياتها ولكن في ظل احترام الدستور والعملية الديموقراطية أيها الإخوة والأخوات لا يستطيء أحد أن يتحدَّث عن عدم وجود خلافٍ أو اختلافٍ في مسار العملية السياسية هنا وهناك لأنه عملٌ كبيرٌ وواسع وتحصل فيه اختلافات ولكن علينا أن نفكر في حل الاختلافات من موقع الاحترام بعضنا للبعض الآخر ومن خلال الانتزام بالسياقات القانونية والدستورية وأن لا يقفز بعضنا على هذه السياقات ليفرُض إرادته على الآخرين وقد جرَّبنا وجرَّب الجميع.
لا أحد يستطيع أن يفرُض إرادته على الآخر إلا بالقانون وبالسياقات الدستورية وفَّقكم الله ونتمنى أن تكونوا على أهبة الاستعداد لهذا اليوم التاريخي الوطني والاستعداد لمشاركة في عملية صناعة مستقبل العراق عبر بوابة الانتخابات التي أصبحت على الأبواب ولا تسمعوا لمن يقول لكم أنها ستؤجَّل إذا أُجِّلت الانتخابات سقطت الديموقراطية وإذا سقطت الديموقراطية سقطت العملية السياسية التي نبني عليها الآمال.
ولذلك لم ولن تُؤجَّل الانتخابات إن شاء الله وستجري في وقتها المحدد.
وفَّقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.