النص الكامل لكلمة رئيس ائتلاف دولة القانون السيد نوري المالكي خلال المهرجان الانتخابي الكبير في بغداد
بسم الله الرحمن الرحيم (رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق اهله من الثمرات) صدق الله العلي العظيم يا أبناء الشعب العراقي الكريم أخواتي وأخوتي في داخل العراق وخارجه. ايام قلائل تفصلنا عن شروق شمس يوم جديد، وأنتم الموفون بالعهود عندما تحين لحظة القرار واصحاب الكلمة الصادقة، والموقف المسؤول. نحن مقبلون على يوم وطني كبير، هو في حقيقته عيد وطني لجميع العراقيين، ألا وهو يوم إجراء الانتخابات التشريعية لاختيار برلمان وحكومة جديدتين. نبارك لجميع العراقيين إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وكنا قد حذرنا منذ البداية، من أي محاولة لتأجيلها، ووضع البلاد أمام المجهول، والفراغ الدستوري الخطير في غياب حكومة وبرلمان شرعيين. أن الالتزام بالمواعيد الدستورية، كفيل بحفظ أمن، واستقرار العراق، وترسخ احترام الدستور، والقوانين، ويخدم جميع مكونات الشعب العراقي، والصالح العام. ان التداول السلمي السلطة، هو أهم مكسب من مكاسب العملية السياسية، التي بناها العراقيون بدمائهم الزكية، وتضحياتهم الغالية، والحفاظ على هذا المكسب، واجب ومسؤولية الجميع. لقد ولت عهود الانقلابات والدكتاتورية، وولى النظام الدموي الذي تفرد بالسلطة وحرم العراقيين من حرية التعبير، ومن الحريات العامة، ومن حقهم في العيش الكريم، وولت تلك الحقبة الدامية السوداء الى غير رجعة بوعي العراقيين، وشجاعة ابنائهم الغيارى. أيدينا مفتوحة للجميع لنحقق لهذا الشعب تطلعاته في بناء غد أفضل، كما انها ممدودة للدول الشقيقة، والصديقة لبناء أفضل العلاقات، وتبادل المصالح، وتقوية الاقتصاد العراقي، وتنويع مصادره، واستثمار موارده، بالشكل الأمثل، ومعالجة الازمات، التي نواجهها، بعيدا عن نهج التفرد، والارتجال، والتخبط في اتخاذ القرارات في المجالات كافة، التي لا نشك، انها ستترك اثارا كارثية على المصالح العليا للشعب في المديين القصير والمتوسط. ونجدد التأكيد، أن التنافس بين القوى السياسية حق مشروع، شريطة ألا يمس بالثوابت، والوحدة الوطنية، أو يشيع الفتن، والخلافات، وقد عبر كل مرشح عن نفسه، وعرفتم من يريد الخير لأهله وشعبه ووطنه، ومن لا يستطيع العيش الا على إثارة الفتن الطائفية، وتلميع صورة النظام البعثي الطائفي والعنصري. يا أبناء الشعب العراقي العزيز اننا في ائتلاف دولة القانون، لا ننظر الى المشاركة في الانتخابات، باعتبارها مسؤولية دستورية، واخلاقية وشرعية فحسب، بل نعدها أيضا، مسؤولية وطنية، ذلك ان اي مواطن، يتحتم عليه ان يكون شريكا في بناء اهم مؤسسة دستورية في البلاد، فالبرلمان الذي نعتبره المحرك الأساس لباقي مؤسسات الدولة، سيشكل الضمانة الحقيقية، لاستقرار العراق سياسيا، واقتصاديا، وامنيا واجتماعيا، وصناعة غد أفضل واللحاق بركب الامم الناهضة. ان انتخاب برلمان قوي يليق بإرث العراق التاريخي والحضاري، سيكون في سلم أولوياته، التصدي لعدد من الظواهر الشاذة، والخطيرة، التي برزت، ومع شديد الأسف، اثناء الدعاية الانتخابية، ومن بينها استغلال موارد الدولة، وهدر المال العام، والتضييق على الحريات العامة، وانتهاك حرمة، وخصوصية المواطنين، على ان الأكثر خطورة، هو عودة الترويج، وبقوة للخطاب الطائفي الذي سبق ان مهد لصعود التنظيمات الإرهابية، والتكفيرية بعد سقوط النظام الدكتاتوري، وبما أدى لوقوع الفتنة الطائفية، التي صنعت شرخا عميقا في النسيج الاجتماعي، وفتحت الطريق امام التدخل الأجنبي. لكن الذي يشعرنا بالقلق البالغ، ان دعاة الطائفية، وهي التجارة الفاسدة، التي لا يجيدون غيرها، يلقون الدعم والمساندة من بعض الجهات، التي يفترض بها ان تكون حريصة على السلم الأهلي في البلاد. وأمام هذه الخروقات الواضحة، ادعو المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الى أن تتحمل مسؤولياتها الكاملة في محاسبة الأشخاص، والكيانات الانتخابية، التي تروج للخطاب الطائفي، وحرمانهم من المشاركة في الانتخابات، فهؤلاء الذين يحملون اجندات خبيثة، ويستغلون الاليات الديمقراطية، يحملون ذات الأفكار لتلك الجهات المتطرفة المعادية لتطلعات شعبنا في الديمقراطية. يا أبناء الشعب العراقي الكريم: مع قرب موعد اجراء التصويت الخاص للقوات الأمنية، ومن خلفية المعلومات المقلقة، التي بحوزتنا، نطالب المفوضية العليا للانتخابات، باتخاذ إجراءات حاسمة لمنع اية جهة مهما كانت، من ممارسة سياسة الترهيب والترغيب مع منتسبي القوات الأمنية والحشد الشعبي، وارغامهم على التصويت لقائمة انتخابية محددة، باعتبار ذلك انتهاكا خطيرا للدستور الذي يضمن حرية التعبير، كما نطالب المفوضية العليا بالسماح للكيانات الانتخابية، بأرسال مراقبين عنها الى مراكز الاقتراع في بغداد وباقي المحافظات، للاطمئنان على شفافية، ونزاهة التصويت الخاص، ومنع تكرار ما كان يحدث في ظل النظام البعثي المقبور.
نتطلع ان يبادر مجلس النواب المنتخب، لان يتجاوز التقصير، والاخفاقات الحاصلة في الأداء، والعجز عن ممارسة دوره الرقابي والتشريعي، وبما يدفعنا اليوم الى مناشدة جميع العراقيين، عربا وكردا وتركمانا، مسلمين ومسيحيين وشبك، وصابئة وايزديين، الى الوقوف في طوابير امام مراكز الاقتراع، لانتخاب برلمان جديد، يساهم في معالجة الازمات المالية، والاقتصادية، والمعيشية، وضعف الخدمات، وتفشي ظاهرة الفساد، وهدر المال العام، والتعدي على الحريات العامة، وتكميم الافواه، الى جانب الازمة المائية الخطيرة، التي اصبحت تهدد الامن الغذائي للعراقيين. لا يجوز أن يؤدي التنافس الى التنازل عن حقوق العراقيين والتفريط بها، وادعو جميع القوى السياسية المتنافسة الى الحفاظ على استقلالية القرار العراقي، وحقوق شعبنا وبلدنا، وقرارنا المستقل، هو السبيل الوحيد لبناء الدولة، وتحقيق تطلعات شعبنا في دولة قوية، وعادلة خالية من الفساد يحكمها القانون ودولة المؤسسات، فبسيادة القانون، والقرار المستقل، سنواجه التحديات، ونتغلب عليها، ولا خيار أمامنا غير تغليب المصلحة العليا للبلاد على مصالحنا الفئوية. ان بلدكم قوي، وليس ضعيفاً، ولا تابعاً، او قاصرا، ولا نرضى الا أن يكون في المقدمة، يصنع قراره بيده، ويستثمر إمكاناته، ويدير مؤسساته ومواردة بالاعتماد على أبنائه. السيدات والسادة الكرام: أن اصواتكم هي، التي ستختار وتقرر، وهذه الآلية الديمقراطية، التي اتفقنا عليها جميعاً، واحتكمنا الى صناديق الاقتراع، والعالم كله سيراقب خروجكم، وحضوركم في يوم الاقتراع للتصويت بحرية، ومن مسؤولية جميع القوى السياسية العمل على إنجاح التجربة الديمقراطية بالتنافس المشروع القائم على احترام المنافسين ونبذ خطاب الكراهية، والتسقيط. أيام قلائل تفصلنا عن هذا العيد الوطني الذي يوحدنا خلف راية العراق ودستوره، ورسالتي الى أخواتي وأخوتي في جميع محافظات العراق، ان يوم الاقتراع سيكون يوم العراق، ويوم قرار العراقيين، وكل ما بعده، سيبنى على نتائج الانتخابات، التي سترسم مستقبلكم. نداؤنا لكل مدينة، وقرية، وحي سكني في أقصى العراق، ان يكونوا حاضرين في هذا اليوم التاريخي، ولا يفرطوا بحقوقهم. عندما تضع بصمتك، واختيارك في المكان الصحيح، فأنت تقرر مستقبلك، وتدافع عن حقك وحقوق ابناءك في بناء دولة القانون، وتقف بوجه الفساد، وتساهم في تحقيق التطلعات المشروعة للعراقيين، والدفاع عن السيادة الوطنية. أبنائي في القوات المسلحة والاجهزة الأمنية، واجبكم الأساس هو الدفاع عن العراق، وشعبه، وسيادته، وحماية التجربة الديمقراطية، وتنفيذ القانون، وإنجاح الانتخابات، ثم تأتي أهمية مشاركتكم في الانتخابات، فاختاروا بحرية، ومسؤولية من أجل مستقبل لعراق قوي ومزدهر. عاش العراق والى يوم نصر جديد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
